كيف تُحرك الشركات الكبرى عجلة الموضة السريعة لزيادة أرباحها !!


الموضة السريعة اليوم تعكس رغبة الشركات الكبرى في الربح الطائل  على مر السنة
الموضة السريعة اليوم تعكس رغبة الشركات الكبرى في الربح الطائل
 على طول السنة

 لم تعد الموضة في العصر الحلي مجرد انعكاس لتغيرات ثقافية أو اجتماعية، بل أصبحت أداة قوية في أيدي الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات لتحقيق أهدافها التجارية وزيادة الأرباح الطائلة. إن صناعة الأزياء لم تعد مقتصرة على تلبية احتياجات الإنسان الأساسية، بل تحولت إلى صناعة تعتمد بشكل أساسي على تسويق منتجاتها بشكل مكثف، حيث تتعمد الشركات تغيير الموضة بشكل سريع  لجذب المستهلكين ودفعهم إلى شراء المزيد من المنتجات وجعل البستهم التي لم يمر على شرائها أشهر تبدو قديمة غير صالحة للارتداء.

  الابتكار و التسويق لخلق الحاجة الى الاستهلاك 

الموضة السريعة تعتمد على الابتكار و التسويق المكثف
الموضة السريعة تعتمد على الابتكار و التسويق المكثف 

تستعمل الشركات الكبرى في صناعة الموضة استراتيجيات تسويقية جد مبتكرة لزيادة مبيعاتها. تعتمد هذه الاستراتيجيات على تغيير الموضة باستمرار وجعل المنتجات السنة الماضية أو الموسم الماضي تبدو غير ملائمة أو قديمة الطراز، تُعرف هذه الظاهرة بـ (الموضة السريعة Fast Fashion، حيث تقوم الشركات بإطلاق مجموعات جديدة بوتيرة سريعة على مدار السنة، بدلاً من الالتزام الكلاسيكي بالمواسم التقليدية للأزياء مثل الربيع والصيف. هذا التغيير المستمر الذي لا ينتهي يدفع المستهلكين إلى الاقتناع بشكل لا واعي بأن عليهم مواكبة أحدث الاتجاهات حتى لو كانت الملابس التي يمتلكونها ما زالت بحالة جيدة.

الشركات الكبرى مثل "زارا" و"إتش أند إم" تعمل باستمرار على تسريع دورات الإنتاج لتقديم تصاميم جديدة بسرعة، مما يؤدي الى إغراق الأسواق بأشكال جديدة تجذب أنظار المستهلكين باستمرار، يتم استغلال التكنولوجيا المعلوماتية الحديثة وتحليل البيانات الخاصة بمليارات البشر في العالم لفهم اتجاهات المستهلكين بل الأدهى هو توقع أذواقهم، مما يسمح بتكييف و تغيير المنتجات بناءً على رغباتهم المتوقعة والمتغيرة بسرعة، هذا الأسلوب يعزز التفاعل العاطفي مع الموضة ويزيد من رغبة المستهلكين في شراء المزيد من الازياء.

  خلق الحاجة الوهمية للشراء لدى المستهلكين

الحاجة الوهمية التي يخلقها التسويق لدى المستهلك هي اساس الحملات الاعلانية
الحاجة الوهمية التي يخلقها التسويق لدى المستهلك هي اساس الحملات الاعلانية

من خلال اطلاق الحملات الإعلانية الضخمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي  ووسائل الاعلام التقليدية، تعمل شركات الموضة على خلق حاجات وهمية لدى المستهلكين، تُروج تلك الحملات الاعلانية لفكرة أن التميز الاجتماعي والمكانة العالية مرتبطان بارتداء آخر صيحات الموضة التي تم انتاجها في هذا الموسم، ويتم إقناع المستهلك بأن الملابس التي كانت تواكب العصر والموضة قبل أشهر قليلة أصبحت غير مناسبة وقديمة، مما يؤدي إلى ترسيخ ثقافة الاستهلاك المتسارع.

كما تعتمد الشركات على إغراء المستهلكين بالعروض والخصومات والتخفيضات لجعلهم يشعرون بأنهم يحصلون على  صفقة جد ومناسبة وبثمن لا يقاوم، في حين أن الهدف الأساسي لهذه الشركات هو دفعهم لشراء المزيد من المنتجات بغض النظر هل هم بحاجة اليها فعلا ام لا.  

  التأثير البيئي لتغير السريع في الموضة  

لتغير السريع في الموضة الذي تفرضه الشركات الكبرى المهيمنة له تأثيرات بيئية خطيرة
لتغير السريع في الموضة الذي تفرضه الشركات الكبرى المهيمنة له تأثيرات بيئية خطيرة

إلى جانب التأثير الاقتصادي، فإن التغير السريع في الموضة الذي تفرضه الشركات الكبرى المهيمنة له تأثيرات بيئية خطيرة. ساهمت صناعة الموضة السريعة في زيادة النفايات من الملابس بسبب الإنتاج الضخم للملابس المنخفضة الجودة، مما يؤدي إلى تلفها بسرعة كبيرة مع عدم قابليتها للاستدامة. ترمى كميات ضخمة من الملابس في مطراح النفايات بعد استعمالها لفترات قصيرة، مما يساهم بشكل خطير في تفاقم مشكلة التلوث البيئي.

كما أن هذه الصناعة تعتمد بشكل كبير على الموارد الطبيعية مثل المياه والطاقة في عمليات التصنيع، مما يضيف أعباء كبيرة على البيئة.  

  دور التسويق العاطفي في زيادة استهلاك الموضة

الموضة في العصر الحالي تربط بالجمال و الثقة بالنفس و الانتماء الاجتماعي لزيادة الاستهلاك
الموضة في العصر الحالي تربط بالجمال و الثقة بالنفس و الانتماء
الاجتماعي لزيادة الاستهلاك

الجانب العاطفي هو عصب تسويق الشركات الكبرى لمنتجاتها، حيث يتم ربط  الموضة بمفاهيم كالجمال والثقة بالنفس أو الانتماء الاجتماعي للطبقات الغنية، ويستخدمون المؤثرين و المشاهير أوسائل التواصل الاجتماعي في ترسيخ هذه المفاهيم من خلال تقديم المشاهير كأيقونات للموضة العصرية الحديثة، هذه الاستراتيجية تؤثر بشكل كبير على الشباب بالخصوص، التي ترى في هؤلاء الشخصيات نموذجًا يحتذى به، ما يجعلهم يشترون نفس المنتجات التي  يروجون لها أو يرتدونها.

هذه السياسة التسويقية تجعل من الموضة ليس فقط وسيلة لتلبية الاحتياجات الخاصة بالمستهلكين، لكن  طريقة ترسيخ  هوية شخصية واجتماعية للزبون، وهو ما يساهم في تعزز مبيعات الشركات ويزيد من أرباحها.  

  الربح أولاً وقبل كل شيء

زيادة الأرباح بأي وسيلة ممكنة هو  الهدف الرئيسي للشركات الكبرى، وتغيير الموضة بشكل أسرع هو أحد أفضل الطرق  لتحقيق ذلك. عند تغير طراز الملابس بوتيرة سريعة، يُجبر المستهلكون على مواكبة هذه التغييرات، مما يؤدي بالتالي إلى زيادة الطلب على المنتجات الجديدة، كما تعمل هذه الشركات على التسويق للمنتجات بأسعار معقولة نسبيًا لجعلها في حدود القدرة الشرائية للجميع، مما يشجع على المزيد من الشراء، ولكنه في المقابل يساعد على خفض جودة المنتجات لتقليل تكاليف الإنتاج.

إن الموضة اليوم نتاجًا واضحًا للتسويق المعتد على أساس سيكولوجي نفسي، تتبعه الشركات الكبرى في سعيها الى تكديس الأرباح. كما تعتمد هذه الشركات على تغيير الموضة بسرعة لإغراء المستهلكين وجعلهم يقتنعون بأنهم بحاجة   لإقتناء الموديلات الجديد باستمرار، يتم تكريس هذا الاتجاه من خلال اطلاق حملات إعلانية ضخمة تربط الموضة بمفاهيم، كالجمال أوالنجاح الاجتماعي، مما يؤدي إلى دورة استهلاكية مستمرة لا تنتهي. وكخلاصة، يتم تحقيق أرباح هائلة على حساب المستهلك والبيئة.

كيف الخروج من دوامة الاستهلاك الذي يعتمد على التسويق العاطفي الذي يربط القيمة بالاشياء؟

رايك يهمنا.... 

تعليقات